الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية ما الذي سيتغيّر بعد تصريحات البريكي: هل تسقط منظومة الفساد أم تتغوّل؟

نشر في  08 مارس 2017  (10:45)

 أحدثت تصريحات وزير الوظيفة العمومية والحوكمة المُقال عبيد البريكي أثناء ندوة صحفية انعقدت يوم الجمعة الفارط في العاصمة زوبعة سياسية وضجّة كبيرة، فقد كشف خلالها عن المسكوت عنه المتعلّق بملفات فساد مالي وإداري قال إنه تعرّف عليها خلال فترة توليه منصب وزير في الحكومة فضلا عن حديثه عن شخصيات نافذة في البلاد متورطة «للعنكوش» في الفساد والترويج له..
تصريحات خطيرة هزّت الرأي العام ودفعته لطرح عدد من الأسئلة الملحة على هذه الحكومة التي يبدو أنها بدأت في فقدان «بوصلتها» تدريجيا خاصة إثر «ورطة تصريحات البريكي الكبرى» التي ذكّرت التونسيين بما جاء في أول خطاب رسمي ليوسف الشاهد الذي أعلن حرب حكومته على الفساد والفاسدين واعتبرها من ضمن الأولويات الخمس التي ستعمل عليها حكومته لنُفجع اليوم بحقائق صادمة حول منظومة نهبت البلاد والعباد جهارا نهارا دون حسيب او رقيب..
فترى ماذا سيتغيّر اليوم بعد تصريحات عبيد البريكي؟، أخبار الجمهورية ترصد لكم عددا من الأجوبة عن هذا السؤال عبر ألسنة محدّثينا..

محسن مرزوق: لن يتغيّر شيء والبلاد تحكمها النهضة والنداء والبقية «كومبارس»

في البداية اعتبر الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق في البداية انه يتوجب على النيابة العمومية فتح تحقيق عاجل في ما يخص تصريحات البريكي مجدّدا التذكير بما طالبت به كتلة الحرة حكومة الشاهد من تقديم توضيحات للتونسيين، عن جملة الاتهامات الواردة بتصريحات عضوها السابق عبيد البريكي، بخصوص أفعال وممارسات صادرة عن موظفين وشخصيات عامة يندرج بعضها ضمن ما يجرمه القانون وينطوي البعض الآخر على سوء تصرف إداري..
وقال مرزوق انه ـ حسب رأيه ـ لن تدفع تصريحات البريكي الحكومة إلى اتخاذ أي إصلاح جدي وجذري خاصة في ظلّ عدم التحرك سابقا اثر تصريحات سياسية تصب في ذات الخانة..
وقال محدّثنا في هذا الإطار «أريد هنا التذكير بعملية الفساد الواضحة والمنظمة والمؤكدة بالأدلة والبراهين المتعلقة باتفاقية تهريب أدوية تورط بها نائب تابع لحركة النهضة تم فضح إمضائه عليها ورغم كشف الوثيقة في الإعلام وأمام الرأي العام مرّ الأمر وكأنّ شيئا لم يكن، وبناء على هذا للأسف الثقة انعدمت في انه سيتم متابعة كل الفضائح المتتالية»..
على صعيد آخر أكد محسن مرزوق أنّ تصريحات عبيد البريكي كانت مؤكدة لكل ما أكدته حركة مشروع تونس حول عدم تجانس الحكومة التي اعتبر انّها حكومة ثنائية تجمع بين حركتي النهضة ونداء تونس، في حين أنّ بقية الأطراف السياسية عبارة عن «كومبارس» رغم أن من بينها شخصيات محترمة لكن هذه هي الحقيقة السياسية على حد تعبيره..
كما شدّد على ضرورة ممارسة ضغوطات سياسية ومدنية على هذه الحكومة حتى تتخلص من القيود التي تكبّلها، معتبرا انّ القيد الأساسي الذي يكبّلها هو التوافق المغشوش الذي أصابها بالعجز التام عن فعل أي شيء وفق قوله..

حسين الديماسي: ننتظر اجراءات الحكومة

من جهته اعتبر وزير المالية الأسبق والمحلل السياسي حسين الديماسي انّ تصريحات عبيد البريكي يمكن أخذها عبر منحيين، أولهما يتمثل في الفرق الكبير والشاسع بين الاصلاحات والبرامج التي كان يحملها البريكي والتي أتى بها الى الحكومة وبين ما كانت تسعى الاخيرة الى تطبيقه وفرضه على ارض الواقع وهو ما أدّى به في اخر المطاف الى الخروج منها..
اما المنحى الثاني الذي اعتبره الديماسي خطيرا فهو بوح البريكي بملفات تتعلق بالفساد ومخالفة القانون والاخطر منها تشديده على ان هنالك اهمالا من طرف الحكومة في معالجة هذه الملفات الحساسة، مضيفا انّ هنالك أشياء تتطلب فترة معينة للنظر فيها والحسم بشأنها في حين أن هنالك مسائل ملحة أخرى استعجالية ومن بينها مسألة التهريب..
وأعرب محدّثنا عن أمله في أن تتجه الحكومة إلى اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بمعالجة الملفات التي تم ذكرها، معتبرا انه من بين «الأشياء الخطيرة التي تعترضنا في تونس اليوم ترك الملفات تتراكم وتصبح بناء على هذا نيّة الإصلاح صعبة التطبيق حتى وان وجدت فعلا» ..

أبرز ما جاء في تصريحات البريكي

التهرّب الجبائي..
قال عبيد البريكي إنه سلم رئيس الحكومة يوسف الشاهد قائمة تتضمن أسماء مئات التجار الموردين للسلع الذين لم يقوموا باستخلاص الأداءات والمعاليم الديوانية مؤكدا على أن المبالغ المتخلدة بذمتهم لا تحصى ولا تعد.
واستحضر البريكي مثالا من حالات التهرب الجبائي لدى تاجر يقوم بالتوريد، مبينا أن لديه ديون لفائدة الدولة تصل قيمتها الى 211 مليون دينار.
فساد في تصدير المرجان والتوريد من تركيا
وفي سياق حديثه عن أشكال الفساد، اعتبر عبيد البريكي أن مسألة توريد السلع من تركيا من أبرز ملفات الفساد التي لم تعالجها الحكومة الحالية، مشددا على أن تونس تستورد كميات هائلة من السلع من تركيا ولا تصدّر إليها شيء.
وشدد ذات المتحدث على أنه قد تم إغراق السوق التونسية بالسلع التركية وتم القضاء على المنتوجات التونسية من ملابس ومواد غذائية وسلع أخرى.
وتابع قوله: «الحكومة لم تستجب للمقترح الذي قدمته المتعلق بترشيد التوريد من هذه الدولة».
كما أكد الوزير المقال من الحكومة أن هناك فسادا كبيرا في تصدير المرجان موضحا أنه يتم تصدير مرجانا مهرب من الجزائر عن طريق الموانئ التونسية.
من يكون مهرّب المرجان؟
وقال إنه تعرف الى اسم شخص يقوم بتهريب المرجان من الجزائر ويقوم فيما بعد بتدليس وثائق وتحويلها على أساس أنها تونسية ويقوم بتصديرها عبر الموانئ التونسية.
 وشدد البريكي على أنه قد قدم اسم هذا الشخص الى رئيس الحكومة يوسف الشاهد واقترح تتبعه لكنه تغاضى عن الأمر، مبينا أن الوحدات الديوانية هي من أحبطت عملية تهريب مرجان في عرض البحر وتم فيما بعد اطلاق سراح الأشخاص الموقوفين في قضية تهريب مرجان.
فساد في قطاع «الفريب»
أفاد الوزير المقال من الحكومة بوجود فساد كبير في مسألة توريد الملابس المستعملة «الفريب» مبينا أن موردي الملابس المستعملة يتمتعون باجراء اعفائهم من دفع الضرائب عند توريد الملابس المستعلمة ليقوموا فيما بعد بتصدير جزء منها خارج البلاد فتتحقق إيرادات مالية لتونس بالعملة الصعبة.
وأكد أن تجار الملابس المستعملة لم يحترموا القانون من خلال توريد الملابس المستعملة وترويجها كاملة في الأسواق التونسية ولا يقومون بتصدير جزء منها وذلك وفق ما نشرته حقائق أون لاين.
اتهامات خطيرة تطال شفيق جراية
من جهة أخرى، كشف وزير الوظيفة العمومية والحوكمة المقال عن تلقّي شخصية تونسية فاعلة خلال الأيام القليلة الماضية مبلغا ماليا يناهز الـ12 مليون دولار من دولة أجنبية دون محاسبتها أو فتح تحقيق في الغرض، على حدّ تعبيره.
وأكّد أن الحكومة لم تتعامل مع هذه الشخصية طبقا لقانون رفع السر البنكي ولم تحقق معها عن مصادر هذه الأموال ليكشف فيما بعد في برنامج تلفزي انّ هذه الشخصية ممثلة في رجل الأعمال شفيق جراية..

الحكومة على الخط...

وتعقيبا على تصريحات وزير الوظيفة العمومية المقال عبيد البريكي، أعلن المتحدث باسم الحكومة إياد الدهماني في حوار على القناة الوطنية الأولى أن الحكومة ستفتح تحقيقا في ما صرح به وزير الوظيفة العمومية والحوكمة المُقال عبيد البريكي بخصوص تلقي شخصية تونسية متنفذة مبلغا بقيمة 12 مليون دولار من جهة خارجية.
كما أوضح المتحدث باسم الحكومة أن المورّد الذي قال عبيد البريكي إن لديه ديونا غير مستخلصة تجاه الديوانة التونسية تناهز 211 مليون دينار وإن رئيس الحكومة يوسف الشاهد تغاضى عن تتبعه، «هو مشمول بقرار المصادرة وأن جميع أملاكه مصادرة وتتعلق به جريمة مالية ينظر فيها القضاء المالي» حسب تأكيده.
وبخصوص موضوع الانتدابات العشوائية التي كشف عنها عبيد البريكي أوضح الدهماني أن هذه الانتدابات تهمّ ضحايا الرش في سليانة وعائلات ضحايا غرق مركب الصيد في المهدية والذين لا يمكن انتدابهم عبر المناظرات وفق تعبيره.

 سامي الطاهري: يجب التعامل بجدية مع التصريحات

من جانبه قال الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري ان الاتحاد العام التونسي للشغل غير معني بتصريحات عبيد البريكي، داعيا في المقابل إلى ضرورة أن يتم التعامل مع تصريحات وزير سابق بجدية كبيرة وان تبادر النيابة العمومية بفتح بحث قضائي والحكومة بفتح تحقيق في ظل ما تضمّنته تصريحات البريكي من معطيات خطيرة للغاية..

عمار عمروسية: هذه المعطيات معروفة

بدوره اعتبر القيادي بالجبهة الشعبية والنائب عنها بمجلس الشعب أن تصريحات عبيد البريكي هي جزء قليل مما يتناقله الرأي العام عن الفساد الكبير الذي ينخر عمق الدولة، وتلك المعطيات وغيرها كانت معروفة حتى قبل دخول عبيد البريكي الى الحكم والبوح بها..
وقال في مداخلته مع أخبار الجمهورية ان ملفات الفساد والتلاعب بالشأن العام لا يمكن لها ان تتغير بقوانين فقط وإنما عبر مؤسسات قانونية وعبر إرادة سياسية، معتبرا أنّ «جزء كبيرا بالنسبة إليه من الأطراف الحاكمة في البلاد هي منتوج للفساد وبناء على هذا فالمفسدون لن يستطيعوا أن يكونوا طرفا في عملية الإصلاح ولا أرى حلاّ في الأفق إلا بيقظة واسعة من قبل الشعب التونسي والمجتمع المدني للضغط حتى تفتح كل الملفات وتكون المحاسبة عادلة وعلنية أمام الشعب التونسي»..
وقال محدّثنا إنّ للفساد حماته في مجلس نواب الشعب وفي الحكومة وفي قصر قرطاج وبات هنالك انحطاط أخلاقي وسياسي يشق النخب السياسية على حد تعبيره..
من جهتها قرّرت النيابة العمومية بالقطب القضائي المالي سماع الوزير السابق عبيد البريكي كشاهد على إثر تصريحاته التي أدلى بها مؤخرا والمتعلقة بوجود ملفات فساد.

النيابة العمومية تقرر..

وقال الناطق الرسمي باسم المحكمة الإبتدائية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي لوكالة تونس افريقيا للأنباء إن النيابة العمومية تعهدت بالملف من تلقاء نفسها ومن المنتظر سماع المعني بالأمر كشاهد في أقرب الآجال لإتخاذ قرار على ضوء ما سيدلي به وبعد الإطلاع على مضمون الندوة الصحفية.  

متابعة: منارة تليجاني